حين يصبح الكذب نبراسا و الصدق مداسا حين يصبح الكذب نبراسا و الصدق مداسا مقال/ امديرس القادري
لا جديد من غربي النهر ، هذا ما يردده القادمون من أرض الوطن الفلسطيني ، فرئيس السلطة منشغل هذه الأيام بإطلاق التهديد والوعيد بحق كل من يحاول حيازة الأسلحة أو المتفجرات أو المتاجرة بهما في الضفة الغربية لكون هذا النشاط أصبح ممنوع منعا باتا ، وكل من يعثر معه على تلك المواد سيتم اعتقاله بغض النظر عن تنظيمه ، البعض نظر إلى هذه التصريحات على أنها أول خيرات القمة الثنائية التي انعقدت بين الرئيس والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس .
الخبطة الثانية جاءت على لسان نمر حماد المستشار السياسي للرئس الذي نفى نفيا قاطعا وجود شيء اسمه إطلاق سراح معتقلين سياسيين ، فسجون ومعتقلات وأقبية السلطة نظيفة و لا يوجد فيها معتقل سياسي واحد ، وأضاف أن ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسان في القمة ينص على إمكانية أن يصدر عباس عفوا يشمل بعض المعتقلين لتجاوزهم القانون ، وهذا إن صدر سيتيح للمؤسسة الأمنية الإفراج عنهم ، يأتي هذا الكلام في الوقت الذي تتواصل فيه الأخبار عن استمرار الأجهزة الأمنية في القيام بهذه الاعتقالات وحسب ما ينشر على موقع المركز الفلسطيني للإعلام المقرب من حركة حماس او غيره من المواقع الفلسطينية .
الردح الثالث قام به رئيس الوزراء المعين فياض ، والذي وكما جرت العادة لا يحلو له سوى الصحافة " الإسرائيلية " التي يجد عندها الطمأنينة والأمان ليبث همومه وشكواه ، فالرئيس يقول على صفحات " هآرتس " : " لا لن أكون رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية ، ولن أكون عائقا أمامها ، وأنا مستعد للتنحي في أية لحظة ، ولن أتولى منصب وزير المالية في الحكومة الإنتقالية ، لأنني أرفض التحول إلى صرافا آليا لأن هذا الأمر يشبه حصان طروادة ولن ينجح معي أبدا " ، و هذا يدلل على أن الرجل يعاني من حساسية مفرطة اتجاه كل ما له علاقة بالوحدة الوطنية .
هذه قطفة طازجة من أقوال ثلاث شخصيات نفترض أنها محسوبة على الثورة والمنظمة والسلطة والفصائل ، ولذلك فنحن نترفع حتى عن مجرد التعليق على الكلام الذي أدلت به ونترك ذلك للقارىء لكي يمعن التفكير في ما يختفي وراء هذه التصريحات من نوايا لا علاقة لها بفلسطين وقضيتها لا من قريب ولا من بعيد ، هذه أمثلة عن العناوين التي ينشغل بها عقل هذه القيادات التي ما عادت قضية شعبنا تعني لها شيئا أبعد من جمهورية موز يحق لها التصرف بممتلكاتها وفق أهواءها ومزاجها العام .
الأول يهددنا بموضوع السلاح والمتفجرات ، والثاني ينفي وجود المعتقلين ، والثالث يريد التوقف عن وظيفة الصراف الآلي ، ثم علينا نحن أبناء هذا الشعب الصابر أن ننصاع ونهلل ونطبل للمصالحة والانفراج ، والويل لنا إذا ما حاولنا التشكيك في ما يصدر عن قممهم ولقاءاتهم من تصريحات ، علينا أن نستقبل منهم كل شيء طائعين وراضين بما يخرج عن موائدهم وقاعاتهم المغلقة التي يجتمعون خلف جدرانها وإن اختلفوا أو اتفقوا فلا شأن لنا في ذلك .
هم يقولون أنهم يعرفون جيدا مصلحة شعبنا الأمنية ، وهذا يستدعي المحافظة على الضفة الغربية بدون سلاح ، كما أنهم لا يريدون لشعبنا الإنشغال بالسياسة حتى لا يكون معتقلين سياسيين في السجون ، وعليه فإن علينا أن نتعامل مع أكاذيبهم على أنها النبراس ، في الوقت الذي يتحول فيه صدق شعبنا وجماهيرنا إلى مداس يعبرون من فوقه بلا أدنى اكتراث أو اعتبار ، بعد أن اختاروا التعامل معه من قلاعهم وأبراجهم العالية ومن وراء الحراسات الملتفة حولهم والمستعدة دائما لحمايتهم من الطير الطائر .
لن نحزن ولن نتألم أكثر من هذهالتصريحات التي اعتدنا عليها ، وسيبقى عدم الاهتمام والتشاؤم من كل هذه اللقاءات سيد الموقف و عند كل الصادقين من أبناء شعبنا ، ما دامت لا توحي أبدا بأن الأطراف بصدد الانتقال بملف الخلاف والانقسام إلى حيز عملي صادق تكون له ترجماته الفعلية على أرض الواقع ، ما يبقى في موقع المضحك و المبكي و يحتاج الى التعليق هو أن ينبري بعض " المثقفين " المحسوبين على هذه الأوساط للقول بأن تلك القمة شكلت منعطفا مهما وكبيرا في اتجاه صياغة ما يعرف بالربيع الفلسطيني القادم .
شعبنا وقواه الوطنية الصادقة و المخلصة يا ساده و من خلال كل أشكال النضال التي يأتي الكفاح المسلح في مقدمتها لن يكلوا ولن يملوا ما دامت أبصارهم وأفئدتهم ترنو إلى التحرير والعودة ، و نتمنى أن ياتي اليوم الذي سنرى فيه ألاف البنادق مرفوعة في أيديهم ، أما أنتم أيها " المثقفون " فانتظروا الربيع الموهوم من هذه القمم وهذه الاجتماعات التي لم تعد تشبع أو تغني من جوع .
د.امديرس القادري الموضوع الأصلي :
حين يصبح الكذب نبراسا و الصدق مداسا المصدر :
منتديات وادي رهيو