آتلانتيك مديا: مخطط خبيث لتقسيم وإشعال موريتانيا آتلانتيك مديا: مخطط خبيث لتقسيم وإشعال موريتانيا
السبت 14 كانون الثاني (يناير) 2012
لم تشهد موريتانيا، على مدى الخمسين عاما الماضية، ما تشهده اليوم من تصعيد في خطابات أطراف مشهدها السياسي، وتأزيم لأوضاعها من قبل فاعلين يظهرون في كل يوم تشرق فيه الشمس بشعارات ومطالب ودعايات ظلت غريبة تماما على المجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته، وعلى نخبه السياسية والفكرية، على تباين انتماءاتها وخلفياتها ومشاربها.. والأدهى من ذلك أن أيا من هذه النخب لم تكلف نفسها عناء التأمل في هذا التطور اللافت والغريب في التعاطي مع القضايا الوطنية و التعامل مع مقدسات الأمة، وهذا التحول ـ دون مقدمات ـ من مجتمع منفتح على بعضه البعض، متسامح إلى أقصى الحدود، متمسك بثوابته ومقدساته؛ إلى مجموعات ذات خطاب غاية في التطرف والعزف على أكثر الأوتار حساسية؛ مع تجاوز كل الخطوط الحمراء والدوس على رموز الأمة والاستهزاء بمقدسات الوطن..
إن المتتبع لما يجري في الساحة الموريتانية اليوم من تجاذبات وشد على الأعصاب، لا يمكن أن يصدق أن الأمر يتعلق بالشعب الموريتاني ذي الروح الوطنية العالية رغم التسامح والانفتاح الأسطوري مقارنة بباقي شعوب الأرض، المتخلفة منها والنامية أو المتقدمة. مع أن أقل الناس فطنة يمكن ـ بسهولة ـ أن يدرك أن وراء هذه الوضعية النشاز جهة أو جهات معينة؛ إذ لا يمكن أن تكون مجرد صدفة!
لم تكن الدعوات الفئوية وخطابات إذكاء النعرات، ودق طبول الصدام والعنف، بهذا المستوى من الحدة والوقاحة.. وبعبارة أكثر دقة ووضوحا، تظهر مثل هذه الدعوات وتلك المواقف المتطرفة المفعمة بالعنف والصدامية قبل مطلع سنة 2009، تاريخ إغلاق سفارة الكيان الصهيوني وتطهير بلادنا من دنس التطبيع مع عدو المسلمين والعرب البغيض. لم نسمع بأي من شعارات "حراك" اليوم طيلة وجود تلك السفارة الخبيثة بين ظهرانينا، وكأن لعنة الكراهية والصراع الداخلي حلت علينا بمجرد تحقيق مطلب يجمع كل الموريتانيين عليه، وهو إنهاء التطبيع. بل وكأن هذا التطبيع القبيح كان "صمام" أمان وحدتنا وانسجامنا وسلمنا الاجتماعي!!
لم يعد خافيا على أحد أن أيادي وأذرع أخطبوط الموساد الصهيوني الطويلة امتدت إلينا، ونفذت سمومه إلى داخل كيان بلدنا.. ومن الواضح وضوح الشمس في سماء صحارينا، أن هذا الجهاز ألاستخباراتي الأكثر خبثا في العالم دون منازع، نجح في زرع عملاء له داخل صفوف بعض نخبنا المحلية، يرتدون زينا، يتحدثون بلساننا، يأكلون كما نأكل، يشربون كما نشرب، يتذوقون أدبنا الشعبي ـ بمختلف لهجاتنا ـ ويقرضونه مثلنا، يزاحموننا في المساجد وفي الأسواق وفي وسائل النقل العمومي.. يتظاهرون ويرفعون اللافتات والشعارات باسمنا، ويخطبون بلساننا.. يرتدون عمائم أئمتنا وعلمائنا وشيوخ محاظرنا.. يناضلون في أحزابنا وفي مجتمعنا المدني.. ولا يغمض لهم جفن حتى يكملوا مهمتهم الحاقدة الهدامة، بتقسيمنا فئات وطوائف وشيعا؛ عبر استنساخ تجارب كارثية حققوها في بلدان أخرى مثل السودان..
لن ينام لهم جفن قبل أن يرونا جنوبا وشمالا و"دارفور".. وتكتمل مسرحية "الربيع" الحارق الماحق بإخراج "موسادي " درامي، وبممثلين محليين متحمسين لأدوارهم المتتالية حسب المشاهد والفصول.
إن "ثوار" الموساد يتربصون بنا ويتأهبون لإحراق الأخضر واليابس، دون أن يعوا أن النيران لا تتجنب ـ بالضرورة ـ من يضرمها، أو يوقد شرارتها الأولى.
لقد تمكن دخلاء الموساد بيننا من تسليم دركي من خيرة عناصر قوات أمننا، لتنظيم إرهابي، هو في الواقع صنيعة إسرائيلية مكتملة المواصفات والخصائص.
ومن المؤسف جدا أن تقع نخبتنا السياسية، في المعارضة والموالاة على حد سواء، ضمن ألاعيب الأعداء؛ وتنطلي عليهم حيل المونتاج السياسي وحركات مهرجي سرك "الحراك"، لجلب مزيد من المتفرجين الغافلين السذج.
لقد باتت موريتانيا مهددة في كيانها ووجودها، وبات السلم الاجتماعي فيها قاب قوسين أو أدنى من الانفجار.. وباتت بوادر تصدع وحدتها الوطنية والترابية تبرز يوما بعد يوم؛ الأمر الذي يستدعي من كل موريتاني وطني صادق مع ذاته ونزيه مع ضميره، أن يمعن التأمل في مآلات أحداث وتجاذبات صدامية عنيفة شهدتها دول وشعوب أخرى رفعت فيها نفس الشعارات وكانت حلبة لمسرحيات وحركات بهلوانية كالتي تحاول نفس الجهات الخارجية جرنا إليها اليوم، ثم يقرر الموقف الذي يمليه عليه واجبه وضميره تجاه نفسه وشعبه وبلده..
إن جسامة التحدي وخطورة الموقف تستدعي من طبقتنا السياسية، موالاة ومعارضة، وما بينهما؛ تجاوز الاعتبارات الذاتية والمصالح الآنية الضيقة، من أجل حماية موريتانيا وصون أمنها ووحدتها وسلمها المدني.. وبذلك وحده تفرض تلك الطبقة السياسية احترام وثقة الشعب.. وبه وحده تثبت مصداقيتها وانحيازها للوطن والمواطن.
لقد اخترق دعاة الفتنة والصدام صفوف الموالاة، وصفوف المعارضة، وصفوف المجتمع المدني، واخترقوا نخبتنا الفكرية والإعلامية.. وتسللوا إلى صفوف سياسيينا ممن يرفعون لواء "الحل الإسلامي" في مسعى لركوب موجة عارمة ساهمت ثورة الإعلام الفضائي والافتراضي في دفعها بقوة في بلدان عربية وإسلامية عديدة..
ويبقى الدور الأكبر المؤمل لعبه في مواجهة الخطر الداهم، على عاتق علمائنا الأجلاء ممن سلموا من التموقع الحزبي والتبعية للسلطة المحلية أو لسلط خارجية، ;ليرشدوا الناس ويبينوا لهم جادة الصواب ويحصنوهم ضد الانزلاق في أتون الفتن والشقاق لدرء الخطر وصيانة الوحدة والسكينة.
الموضوع الأصلي :
آتلانتيك مديا: مخطط خبيث لتقسيم وإشعال موريتانيا المصدر :
منتديات وادي رهيو