همسة براءة عدد المساهمات : 221
تاريخ التسجيل : 01/08/2010
العمر : 34
| 8/16/2011, 18:24 |
| رمضان شهر الصبر والفضل والأجر بقلم : أبو عبيدة أمارة . لا شك أن عبادة الصوم التي فرضها الله هي عبادة عظيمة وجليلة وكريمة كباقي عبادات الإسلام ، ولكل عبادة فرضها الله تعالى فلها خصوصيتها وروحانيتها وحلاوتها الإيمانية ، ومن أدى أي عبادة من عبادات الإسلام التي فرضها الله عز وجل على وجهها الأمثل والخضوع الأكمل شعر بتلك الحلاوة الإيمانية والسمو الروحي والصفاء الفكري . فأن كانت تلك العبادة هي من تسبيح لله أو ذكر له أو توحيد له فلها طمأنينة وارتياح عظيم وغذاء روحي وصفاء ذهني ، وكذا الصلاة فهي غسل النفس والروح والبدن ، وكذا الصدقة والزكاة والعبق فيها والعطف على المحتاجين وأنفاس الرضوان والرحمة في فعلها وزيادة الرزق ، وكذا الحج وحط الرحال في ضيافة الرحمن وتعظيم حرمات الله والاستشعار بقدسية الأماكن المقدسة وأركان الحج والمناسك وما بها من عبر ، وعبادة الصوم التي هي موضوعنا وفيها ما فيها ، فالصوم حقيقة هو امتحان واختبار ، امتحان واختبار لتلك الأنفس الزكية الأبية الثابتة على دينها العارفة لربها المتشبثة بتعاليم الله ، وهي النفس الكابحة لجماح الهوى والتي لا تتنازل عن الخير والمعروف أو عن أي أمر من أوامر الله الطيبة ، وترى في أوامر الله العظيمة الخير والعزة ، وترى في الإسلام ومتطلباته كل خير. وحقيقة أن الصوم في الحر الشديد ومعه مزاولة العمل وطلب الرزق فهي قمة في الصبر والثبات والخلق الحسن والدين الطيب والرشد والإحسان ، وهي الإرادة القوية وبناء شخصية المسلم المتزنة الصابرة الثابتة على مبادئ الخير والبر ، وهي النفس التي لا تساوم لا على الشر ولا على الأذى ولا أذية أي مخلوق وتصبر لله على الخير والصالح وتتسامح في الفالح ، والتي لا تميل مع الهوى حيث ما مال . والصوم حقيقة هو كما أسلف امتحان وتمحيص للشخصية المتزنة ، والصوم هو كتصفية الأنفس الزكية فهو كما تصفية المعادن فكلما زاد الاختبار والتمحيص كلما زاد صفاء ونقاء المعدن وزاد لمعانه كالذهب وجماله وزادت قوته ورونقه كالحديد ، ورمضان هي كلمة أصلها من الحر الشديد فسبحان الله شدة الرمض والحر تَخْبر جودة المعدن وتكشف تألقه . والصوم فهو كعبادة فاضلة وكما قيل تبني أرادة قوية للهدف النبيل والخير المأمول ، وتبني الإنسان المسلم الصبور المتسامح للخير المكافح للصالح ، وتبني تلك النفس الأمّارة بالخير الناهية عن الشر ، فمع شدة الحر وشدة العطش(غير المهلك) يعظم الأجر وتزكو نفس المسلم . وعلى النقيض فلننظر إلى الناحية الأخرى من الناس إلى تلك النفوس التي لا تصوم ولا تعطي للعبادة الحقة الكريمة وزنها الحقيقي ، أو تلك النفوس الرخوة المتراخية مع أوامر الله ونواهيه ، أو تلك النفوس المدللة نفسها أو التي تميل مع الهوى حيث مال فلا تصبر على جوع ولا على عطش ولا تتصّبُر لله وللصالح ، أو نفس تتمايل أو تتراقص في العاجل والرديء والمؤدي إلى سراب يحسبه الظمآن ماء ، وأنفس قد ترى في أي طاعة أو معروف موضوع للسخرية أو لعدم المبالاة أو لقلة الاكتراث ، فيا خسران من حرم نفسه من الخير ومن ترويض نفسه على الحق والصالح وحرم نفسه من تتبع الخير وكبح جماح النفس عن الخاسر ، ويا خسران من لم يرغم نفسه على البصيرة الصائبة والحقيقة الناصعة والنعمة الجليلة ومعرفة صالح النفس والناس . وكثير من يظن أن المصلحة في المكسب السهل أو في المغنم المكروه أو الكسب الحرام أو في الدِعة المُفسدة ، ويروق لبعضهم الهُزء من الإنسان المؤمن الصبور التي نفسه متسلقة قمم الخير والثابت بأيمانه ، وقد صدق قول الشاعر: ومن يتهيب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر ، وكثير من يظن أن الاحتيال أو المخادعة والجري وراء الكسب الرخيص هو حذاقة ومكانة واحترام ، ولكنه في الحقيقة ما هو إلا خسران وندامة وازدراء من الناس واحتقار وسباحة في الموحل والمُخسر ومورث الندامة ، فيا ليت من محاسب نفسه. فمن كل ما قد قيل نرى حقا أن عبادات الإسلام هي لصالح الناس وهي الملاذ الآمن من الانحدار إلى المهلكة ومن ضياع الحياة النظيفة السعيدة، وهي بمثابة الشاطئ الآمن الذي يحمي ويقي الأنفس والناس من تلاعب الأهواء وانسياق الإنسان وراء الأهواء أو الضلال ، وكما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعدى عدوِّك نفسك التي بين جنبيك ( أخرجه الطبراني في الكبير) ، ففي العبادة وزيادة على الأجر الذي فيها والفضل لصاحبها فهي ترويض النفس على الخير ومجاهدتها للصالح ، وأيضا عن جابر قال : قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قوم غزاة فقال قدمتم خير مقدم قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر مجاهدة العبد هواه ( البيهقى ). فهنا نستخلص أن عبادة الصوم وشهر رمضان هما معلما الناس الصبر وعلى الخير والتعالي على شهوات النفس الفانية ومقوية همة الإنسان المسلم على المعالي والخير ، وعبادة القيام تأتي مكملة للجهد في النهار لترويض النفس على الخير ولزكاة نفس المؤمن ، فهذا الجهد وهذا الأجر الكبير وهذا الفضل العظيم الذي يتحصل للصائم هو أمر كريم ورافع للدرجات ، ويا ليت من لا يصوم يعي ويستشعر تلك النعمة والفضل العظيم ولذة التغلب على المشقة ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها . ولتبيين أجر الصوم وفضله كفى أن نذكر الحديث حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل عمل ابن آدم يُضاعف، الحسنَة عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضِعْف، قال اللَه عز وجل : إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتانِ، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من رِيح المسك"(متفقٌ الموضوع الأصلي : رمضان شهر الصبر والفضل والأجر المصدر : منتديات وادي رهيو | |
|